عنـد احتـرام تبايـن القيـم والعـادات بيـن الزوجيـن فيمـا بينهمـا فضـلاً عـن التزامهمـا
بتعاليـم الإسـلام ، فسيؤسسـان بنـاءً للأسرة علـى قاعـدةٍ صلبـة، لتكويـن أسـرة
قويـة تواجـه التيـارات السـلبية الدخيلـة علـى كينونتهـم مـن الخـارج .
فتربيـة الأبنـاء وغـرس القيـم والأخـلاق التـي تشـكل الحاجـز العـازل بيـن سـلبيات
العالـم الخارجـي والأبنـاء؛ هـي ثمـرةٌ تقطفهـا الأسـرة والمجتمـع معاً.
يأتي الأبناء للدنيا على فطرة الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم : كل مولود يولد على الفطرة “
فللاسرة تأثير كبير فـي توجيههـم وتغييـر مسـار حياتهـم بمـا فـي ذلـك دينهـم، فالطفـل عندمـا يولـد
يكـون أشـبه بورقـةٍ بيضـاء قابلـة للكتابـة عليهـا، فـكل جميـلٍ وسـيء يتلقـاه ويتعلمـه
سـيدون عليهـا، ومـع مـرور الزمـن تؤلف هـذه الورقـات كتاباً يمثـل شـخصيته.
ينبغـي الاهتمـام بهـم منـذ ولادتهـم، بـدءاً مـن رعايتهـم الصحيـة، والحـرص علـى
تقديـم المناسـب لهـم مـن الـدواء والغـذاء الـذي يشـكل الـدور المهـم فـي نموهـم وبنـاء
أجسـادهم، وبالتالـي هـذا النمـو المرتبـط بالنمـو الذهنـي أيضاً سـيجعلهم قادريـن
علـى التعلـم والتقـدم، وتنميـة الأسـاس الداخلـي والهويـة الشـخصية للابـن، تقـع
علـى عاتـق تربيتهـم وتعليمهـم مـن خـلال المحـاكاة والتقليـد والتوجيـه، فـالأب والأم
يشـكلان القـدوة الأهـم والأسـاس للأبناء ، وتمسـكهم بالأخـلاق الحسـنة فـي سـائر
الأمـور سـيخلف انطباعاً جيداً وتأثيراً إيجابياً عليهم ، كمـا أنّ إشـراكهم فـي بعـض
القـرارات داخـل الأسـرة، وتفعيـل دور الحـوار البنّاء سـينُمي ثقتهـم ومهاراتهـم.
لـن تُجدي السـلطة أو الانفعـال المبالـغ فيـه، والتوبيـخ أمـام الآخريـن عنـد وقـوع
الأخطـاء نتائـج إيجابيـة، بـل سـتولد لديهـم خيبـةً وانكسـاراً فـي حالتهـم النفسـية،
فينبغـي التشـجيع والتحفيـز لـكل عمـل إيجابـي يؤدونـه، وهنـاك أسـلوبٌ يمكـن
اللجـوء إليـه عنـد الاضطـرار، كارتـكاب أخطـاء لا يمكـن تجاوزهـا، تتـم معاقبتهـم
بالأسـلوب المتناسـب مـع سـنّهم وشـخصياتهم ونـوع الخطـأ المقتـرف.
ومـن الأعمـال الإيجابيـة التـي ينبغـي تحفيزهـم عليهـا؛ تعليمهـم الصـلاة وتربيتهـم
علـى أدائهـا لأن شـأنها عظيـم، فتدريـب الأبنـاء عليهـا منـذ سـن السـابعة مـن
العمـر، مـن خـلال التشـجيع والمكافـأة، واصطحابهـم للمسـجد وجعـل الصـلاة
أمـراً مرغوباً بالنسـبة لهـم، وعـدم التشـديد عنـد تقصيرهـم سـيؤدي لتعلقهـم
وارتباطهـم بهـا، ثـم يصـل بهـم التـدرجُّ حتـى سـن العاشـرة وهنـا نبـدأ بإتخـاذ
قـرارات مُلزمـة فـي عـدم التخلـف عـنها والالتـزام بهـا، كمـا قـال – صلـى الله
عليـه وسـلم- : «مُروا أولادكـم بالصـلاة وهـم أبنـاء سـبع سـنين واضربوهـم عليهـا
وهـم أبنـاء عشـر سـنين وفرقـوا بينهـم فـي المضاجـع ؛ فيبـدآن معهمـا بالأمـر مـع
حرصهمـا علـى عـدم تخلُّفهـم عنهـا ومحاسـبتهم علـى تأخرهـم فـي أدائهـا بـلا عـذر،
وعنـد الاحتيـاج للضـرب يجـب ألا يكـون ضرباً موجعاً أو مُبرحـاً ، ولا يُلجـأ إليـه إلا
بعـد اسـتنفاذ جميـع الطـرق المحفـزة.
وهنالـك مـا يشـوب نشـأة الأبـن عندمـا تُتـاح الفجـواتُ بهـا وتترسـب علـى الأبنـاء،
وهـذا مـن أهـم مـا يمكـن التنبيـه عليـه والتطـرق لـهُ ، فقـد تحـدثُ لهـم فـي تلـك
المرحلـة العمريـة انتهـاكات مدمـرة، كالتحـرش الجنسي ، علـى سـبيل المثـال، والـذي
يخلف أضـراراً مؤلمـة طـوال العمـر، لـذا علـى الوالديـن المحافظـة علـى الأبنـاء
وعـدم تعريضهـم لذلـك الفعـل بالإهمـال أو بعـدم المراقبـة لهـم ولأقرانهـم، وسـد
كافـة الفجـوات التـي تتيـح لمـن تدفعهـم نفوسـهم للسـوء، فلابـد أن تُبيَّـن للأطفال
طبيعـة أجسـادهم، ويُمنع ملامسـتها أو النظـر إليهـا مـن أي شـخص آخـر،
فمـن خـلال الدراسـات والبحـوث التـي لا حصـر لهـا، يتضـح أن الأطفـال الذيـن
يتعرضـون للتحـرش الجنسـي لا يُطلعـون أهاليهـم علـى مـا مـروا بـه ، خوفاً مـن
ردات الفعـل العنيفـة والتـي قـد تُجرّمهـم أو تكـون وصمـةً فـي حياتهـم، أو حتـى قـد
تضـع دوائـر التركيـز علـى المجنـي عليـه دونمـا الجانـي، وينبغـي تشـجيعهم بإخبـار
الأبويـن عنـد تعرضهـم للتحـرش لمـا فـي ذلـك مـن إسـهامٍ فـي معالجـة المشـكلة باكـراً،
وإدراك الأبنـاء للأخطار والقـدرة علـى الدفـاع عـن النفـس.
ومـن الانتهـاكات النفسـية التـي ينبغـي التنبُّه لهـا، التنمـر: وهـو الإيـذاء والإسـاءة
اللفظيـة أو الجسـدية التـي يتعـرض لهـا الأبنـاء مـن قبـل الآخريـن، ومـن أفضـل
الطـرق التـي تُقلـل مـن وقـع التنمـر علـى النفـس -بـإذن الله- هـي زرع الثقـة فـي الأبنـاء
وإشـعارهم بالأمـان واحتواهـم.
«أبناؤكـم أمانـةً فـي أعناقكـم» وامتـدادٌ للخيـر الـذي زرعتمـوه فـي نفوسـهم، والولـد
الصالـح الـذي حفظتـم كينونتـه، ودرأتـم عنهـا المسـاوئ فبـات يدعـو لكـم فـوق
الأرض وكان عملكـم اللا منقطـع .
كاتب ومؤلف وصحفي عضو هيئة الصحفيين السعوديين ، عضو الجمعية السعودية للارشاد النفسي بجامعة الاميرة نورة بالرياض ، مرخص من الهيئة العامة لتنظيم الاعلام ، ممارس عمل حر كاتب وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ،صدر لي كتابين آصرة وغرفة ١٧
- سلطان المرشديhttps://hamstwasl.com/author/sultan-eiad/
- سلطان المرشديhttps://hamstwasl.com/author/sultan-eiad/
- سلطان المرشديhttps://hamstwasl.com/author/sultan-eiad/
سلطان المرشدي
كاتب ومؤلف وصحفي عضو هيئة الصحفيين السعوديين ، عضو الجمعية السعودية للارشاد النفسي بجامعة الاميرة نورة بالرياض ، مرخص من الهيئة العامة لتنظيم الاعلام ، ممارس عمل حر كاتب وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ،صدر لي كتابين آصرة وغرفة ١٧