غيمةٌ واحِدة

تمُرُّ بنا رياحٌ توشك أن تجتث جذورنا منْ هذه الأراضِي الطيبة وأغصاننا الرطبة تتمايل هنا وهناك ، لايسعنا سوى أن نتأملها وننتظر،، ننتظرُ كثيراً في زخم هذه الحياة حتى يُخالف ظلمتنا نورٌ من آخر ذلك الطريق، يتقدم نحوَنا شيئآ فشيئًا كأنهُ يختبر تحمُلنا ويتأمل مدى تخبُّطِنا .
لقد توقَّف على تُربة جذوري وانحنى يمسح بيديه الحانية على أرضي المُجدبة، ويحتضن أغصاني وفروعي حتى استشفت منه القوة التي تجعل منها الروح تُذهَل .
إنَّ ذلك النُّور الذي جعلني أثّبِت أقدامي على هذه الأرض، هو الرسالة التي جعلها اللّٰه في يديّنا إلا أننا لانرى مابيدينا حتى يفلُت من قبضِتنا أحدها.
فإن أمعنَّا النظر وتوالت النِعم غيومٌ على رؤوسِنا غيثُها لايُطمَر، فكُلِّ الغيوم هي غيوم إلا غيمةً واحِدة ، باتت في عيني سماء هذه الغيوم في عالم عيناي،وعندما قلّ الكلام وأندثر خجلاً من ألا يفي الحق حقه ، ولاشيء يستحق ماسبق سوى عائلتي ، الأمان الذي ألجأ إليه بعد اللّٰه والغيم الهاطِل كلما أجدبت روحي.
فلا شك أن في حياتنا أشياء غالية الأثمان وقدْرها يملأ الجوف حتى يفيض، ولا نشعر بها إلا عندما تذكَِّرُنا الحاجة إليهم إذا تناسينا من شدة قربهم منَّا أو يُداعِبُ الفقد طرقاتنا ويُعاكِسًُها .
فإن أعظم مكون في هذه الدنيا هي الأسرة التي تقوم على ركنين أساسيين هما الأب والأم ، اهتم الدين الاسلامي باهمية بناء البيت المسلم منذ تأسيسه باختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح ذوا الاخلاق النبيلة ، ليقوم ذلك البيت على اساس متين لا تهزه الرياح العاتية ولا يرعبه ازيز الأعاصير ، فتقع عليهما مسؤولية عظيمة تجاه الأبناء ، فالابن هـو امتـدادٌ للأب غالبا، لاكتسـابه الكثيـر مـن الصفـات التـي يراهـا فـي أبيـه مـن خـلال المحـاكاة والتقليـد، كمـا للأب تأثيـر كبيـرعلـى أبنائـه، فـالأم لهـا ذات التأثيـر والوقـع علـى أبنائهـا ويحملـون مـن صفاتهـا وسـلوكها، وهنـا تتضـح أهميـة التـزام الأبويـن بالخلـق الرفيـع والاجتهـاد لتقليـل احتمـالات الخـروج عـن الصـواب فـي كل شـيء . وعلى ذلـك يجـب أن يكـون الوالـدان همـا القـدوة الموجهـة بنـاء علـى بيئتهـم المحيطـة
ومـا يتناسـب معهـم وعدم تركهم لعوامل أخرى لتؤثر فيهم وتُربيهم بعيداً عن عين الرقيب.